فصل: 161- ذمي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الجنائية الإسلامية المقارنة



.حرف الذال:

.161- ذمي:

1- التعريف:
الذّمّة في اللغة: العهد، والأمانة، والضمان، والذمي: الذي أُعطي الأمان على دمه وعرضه وماله ممن يعطون الجزية. قال ابن منظور: عَاهَدَ الذِّمِّيَّ: أَعطاهُ عَهْداً، وقيل: مُعَاهَدَتُه مُبايَعَتُه لك على إِعطائه الجزية والكفِّ عنه. والمُعاهَدُ: الذِّمِّيُّ. وأَهلُ العهدِ: أَهل الذمّة، فإِذا أَسلموا سقط عنهم اسم العهد. وقال ابن فارس: وأهل الذّمّة: أهلُ العَقْد، قال أبو عُبيد: الذّمّة الأمان في قوله صلَّى اللَّه عليه وآله وسلَّم: «ويَسْعَى بذمَّتهم»، ويقال أهل الذّمّة لأنهم أدَّوا الجِزْيَة فأمِنُوا على دمائهم وأموالهم.
وفي اصطلاح الفقهاء: الذمي نسبة إلى الذمة، أي: العهد من الإمام- أو ممن ينوب عنه- بالأمن على نفسه وماله نظير التزامه الجزية ونفوذ أحكام الإسلام.
2- ما هو عقد الذمة:
عقد الذمة: إقرار بعض الكفار على كفرهم بشرط بذل الجزية والتزام أحكام الإسلام الدنيوية، والغرض منه، أن يترك الذمي القتال، مع احتمال دخوله الإسلام عن طريق مخالطته بالمسلمين، ووقوفه على محاسن الدين. فكان عقد الذمة للدعوة إلى الإسلام، لا للرغبة أو الطمع فيما يؤخذ منهم من الجزية.
3- حكم الكفار الذين يعيشون في بلاد المسلمين في هذا الزمان:
الكفار الذين يعيشون في بلاد المسلمين في هذا الزمان، ليسوا أهل ذمة، ولكنهم مستأمنون، لأنهم لم يدفعوا الجزية للمسلمين، لأن عقد الذمة كما سبق بيانه يشترط له شرطان، الأول: بذل الجزية، والثاني: الالتزام بأحكام الإسلام.
4- جناية الذمي:
قال الإمام الشافعي رحمه الله: (وإذا قتل الذمي الذمية أو الذمي أو المستأمن أو المستأمنة أو جرح بعضهم بعضا فذلك كله سواء فإذا طلب المجروح أو ورثة المقتول حكمنا عليهم بحكمنا على أهل الإسلام فيما بينهم لا يختلف فنجعل القود بينهم كما نجعله بين المسلمين في النفس وما دونها ونجعل ما كان عمدا لا قود فيه في مال الجاني وما كان خطأ على عاقلة الجاني إذا كانت له عاقلة فإن لم تكن له عاقلة كان ذلك في ماله ولم يعقل عنه أهل دينه؛ لأنهم لا يرثونه ولا المسلمون؛ لأنه ليس بمسلم وإنما يأخذون ماله إذا لم يكن له وارث فيئا).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وإذا شرب الذمي الخمر فهل يحد، ثلاثة أقوال للفقهاء، قيل يحد وقيل لا يحد، وقيل يحد إن سكر، وهذا إذا أظهر ذلك بين المسلمين، وأما ما يختفون به في بيوتهم من غير ضرر بالمسلمين بوجه من الوجوه فلا يتعرض لهم، وعلى هذا فإذا كانوا لا ينتهون عن إظهار الخمر أو عن معاونة المسلمين عليها أو بيعها وهديها للمسلمين إلا بإراقتها عليهم فإنها تراق عليهم مع ما يعاقبون به، إما بما يعاقب به ناقض العهد وإما بغير ذلك).
وقال: (وإذا زنى الذمي بالمسلمة قتل ولا يصرف عنه القتل الإسلام ولا يعتبر فيه أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم، بل يكفي استفاضته واشتهاره).
وقال: (ولو قال الذمي: هؤلاء المسلمون الكلاب أبناء الكلاب ينغصون علينا إن أراد طائفة معينين عوقب عقوبة تزجره وأمثاله وإن ظهر منه قصد العموم ينقض عهده ووجب قتله).
وقال ابن القيم: (قال شيخنا في الذمي: إذا زنى بالمسلمة قتل، ولا يرفع عنه القتل الإسلام، ولا يشترط فيه أداء الشهادة على الوجه المعتبر في المسلم، بل يكفي استفاضة ذلك واشتهاره، هذا نص كلامه. وهذا هو الصواب، لأن الاستفاضة من أظهر البينات، فلا يتطرق إلى الحاكم تهمة إذا استند إليها).
وقال المرداوي: (ويقطع المسلم بالسرقة من مال الذمي، والمستأمن، ويقطعان بسرقة ماله هذا المذهب).

.حرف الراء:

.162- رجم:

1- التعريف:
الرَّجْمُ في اللغة: الرمي بالحجارة. ويطلق على معان أخرى منها: القتل. قال ابن منظور: الرَّجْمُ: القتل، وقد ورد في القرآن الرَّجْمُ القتل في غير موضع من كتاب الله عز وجل، وإِنما قيل للقتل رَجْمٌ لأَنّهم كانوا إِذا قتلوا رجلاً رَمَوْهُ بالحجارة حتى يقتلوه، ثم قيل لكل قتل رَجْمٌ، ومنه رجم الثيِّبَيْنِ إِذا زَنَيا، وأَصله الرمي بالحجارة.
وفي الاصطلاح هو: رجم الزاني المحصن بالحجارة حتى الموت.
(انظر: التفاصيل المتعلقة بالرجم في مصطلح: زنا).

.163- ردة:

1- التعريف:
الرِّدّة لغة: بالكسر: مصدر قولك ردَّه يَرُدُّه رَدّاً ورِدَّة. والرِّدَّةُ: الاسم من الارتداد. وهو الرجوع عن الشيء، ومنه الردة عن الإسلام؛ قال الله تعالى: {اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [البقرة 217]. أي يرجع عنه.
وفي الاصطلاح: الردة: هي الإتيان بما يخرج به عن الإسلام؛ إما نطقا، أو اعتقادا، أو شكا ينقل عن الإسلام.
والمرتد: هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة آية 217]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (والمرتد من أشرك بالله تعالى أو كان مبغضا للرسول ولما جاء به أو ترك إنكار منكر بقلبه أو توهم أن أحدا من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم قاتل مع الكفار أو أجاز ذلك أو أنكر مجمعا عليه إجماعا قطعيا أو جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألهم ومن شك في صفة من صفات الله تعالى ومثله لا يجهلها فمرتد وإن كان مثله يجهلها فليس بمرتد، ولهذا لم يكفر النبي الرجل الشاك في قدرة الله، وإعادته لأنه لا يكون إلا بعد الرسالة ومنه قول عائشة رضي الله عنها: مهما يكتم الناس يعلمه الله، قال: نعم).
2- أركان الردة:
الردة تتحقق بركنين:
الأول: الرجوع عن الإسلام، سواء كان ذلك بالاعتقاد، أو القول، أو الفعل، أو الترك، وسيأتي مزيد بيان لكل حالة من هذه الحالات.
الثاني: القصد، بمعنى أن يأتي المرتد ما تحصل به الردة من اعتقاد أو قول أو فعل أو ترك وهو يعلم أنه أمر كفري يخرجه عن الإسلام.
3- ما تحصل به الردة:
تنقسم الأمور التي تحصل بها الردة إلى أربعة أقسام:
أ- ردة في الاعتقاد:
كمن اعتقد وجود شريك مع الله، أو جحد وجود الله، أو نفى صفة ثابتة من صفاته، أو أثبت لله الولد فهو مرتد كافر، لقوله تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً} [النساء 48]؛ وكذلك من قال بقدم العالم أو بقائه, أو شك في ذلك؛ ودليل ذلك قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص 88]؛ ويكفر من جحد القرآن كله أو بعضه, ولو كلمة؛ وقال البعض: بل يحصل الكفر بجحد حرف واحد؛ كما يقع الكفر باعتقاد تناقضه واختلافه, أو الشك بإعجازه، أو إسقاط حرمته، أو الزيادة فيه.
وكذلك يعتبر مرتدا من اعتقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض ما جاء به، ومن اعتقد حل شيء مجمع على تحريمه، كالزنا وشرب الخمر، أو أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة.
ب- ردة في الأقوال:
ومن ذلك سب الله تعالى، فقد اتفق الفقهاء على أن من سب الله تعالى كفر، سواء كان مازحا أو جادا أو مستهزئا؛ وقد قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ.لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة آية 65، 66].
وكذلك سب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ويعتبر سابا له صلى الله عليه وسلم كل من ألحق به صلى الله عليه وسلم عيبا أو نقصا، في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو ازدراه، أو عرَّض به، أو لعنه، أو شتمه، أو عابه، أو قذفه، أو استخف به، ونحو ذلك.
وكذلك من سب نبيا من الأنبياء الذين أخبر الله تعالى عن نبوتهم، أو أخبر عنها نبينا صلى الله عليه وسلم.
وكذلك يعتبر مرتدا من سب الدين أو أعتقد عدم شمول الشريعة الإسلامية لجميع الأحكام، أو عدم صلاحيتها لكافة العصور، أو المجتمعات، ونحو ذلك.
ج- ردة في الأفعال:
اتفق الفقهاء على أن إلقاء المصحف في محل قذر يوجب الردة؛ لأن فعل ذلك استخفاف بكلام الله تعالى، فهو أمارة عدم التصديق؛ وكذا كل فعل يدل على الاستخفاف بالقرآن الكريم؛ كما اتفقوا على أن من سجد لصنم، أو للشمس، أو للقمر فقد كفر؛ ومن أتى بفعل صريح في الاستهزاء بالإسلام, فقد كفر لقوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} [التوبة 65].
د- ردة في الترك:
لا خلاف في أن من ترك الصلاة جاحدا لها يكون مرتدا، وكذا الزكاة والصوم والحج; لأنها من المجمع عليه المعلوم من الدين بالضرورة.
4- التحقيق في جريمة الردة:
جريمة الردة من الجرائم الخطيرة التي تتطلب من المحقق أخذ الحيطة والحذر، فالمرتد غالباً يكون ذا فكر منحرف، طبعه الجدال والمناظرة عما يعتقده، فيجب أن تكون الأسئلة الموجهة له مركزة وموضوعية ومحصورة في التهمة المنسوبة للمرتد، سواء كانت قولية أو فعلية.
5- إثبات الردة:
تثبت الردة بالإقرار أو بالشهادة؛ ولإثباتها بالشهادة شرطان هما:
أ- شرط العدد: اتفق الفقهاء على الاكتفاء بشاهدين في ثبوت الردة، ولم يخالف في ذلك إلا الحسن، فإنه اشترط شهادة أربعة.
ب- تفصيل الشهادة: يجب التفصيل في الشهادة على الردة بأن يبين الشهود وجه كفره، نظرا للخلاف في موجباتها، وحفاظا على الأرواح.
وأما إذا ثبتت الردة بالإقرار؛ فيجب أخذ إقرار المرتد مفصلا، وواضحا، وبيان الأمر الذي حصلت به الردة.
وفي كل الأحوال إذا ثبتت الردة بالإقرار، أو بالشهادة، فإنه يستتاب، فإن تاب فهو رجوع عن الردة؛ وإن أنكر المرتد ردته وما شُهِد به عليه اعتبر إنكاره توبة ورجوعا عند الحنفية فيمتنع القتل في حقه؛ وعند الجمهور يحكم عليه بالشهادة ولا ينفعه إنكاره، بل يلزمه أن يأتي بما يصير به الكافر مسلما.
6- عقوبة المرتد:
عقوبة المرتد الأصلية القتل حدا، وهناك عقوبة تبعية لهذه العقوبة، وهي مصادرة مال المرتد فماله لا يورث بل يكون فيئا لبيت مال المسلمين؛ وإذا سقط القتل لأي سبب شرعي، فيصار إلى العقوبة البدلية وهي عقوبة التعزير بما يراه القاضي من جلد وحبس وتوبيخ ونحو ذلك.
جاء في مطالب أولي النهى: (وقد أجمع المسلمون على وجوب قتل المرتد ما لم يتب، وسنده ما روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من بدل دينه فاقتلوه» رواه الجماعة إلا مسلما، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ومعاذ بن جبل وخالد بن الوليد وغيرهم، وسواء الرجل والمرأة؛ لعموم الخبر. وروى الدارقطني، أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الإسلام، فبلغ أمرها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر أن تستتاب، فإن تابت وإلا قتلت).